الرئيسية
عاشت سارة طفولة بريئة تحت ظل والدين حنونَين
عاشت سارة طفولتها الجميلة وهي تنظر للمستقبل بعين التفاؤل !!
ولا تدري عمّا كان يخبئه لها القدر !!
لم تستمتع سارة كثيراً بهذة المرحلة الذهبية من حياتها !!
فقد تزوجت سارة وعمرها 14 عاما
وحينما حملت بجنينها الأول توفي زوجها !!
أصبحت سارة وكأنها في بحر لاشاطئ له !!
فهي صغيرة السن وتحمل جنينا مات أبوه فجـأة ..!
فكيف ستتحمل هذه المسؤولية الكبيرة التي وقعت على جسدها ونفسها الصغيرة!!
أنجبت سارة مولوداً ذكراً أسمته محمد
أصبح محمد هو حلمها الوحيد بالحياة
تخاف عليه من نسمة الهواء !
تخاف عليه أكثر مما تخاف على نفسها !
( واللي يزعّل محمد يزعل سارة معه ! )
فلا ترضى بأن ينهره أحد أو يقسو عليه !
قاطعت ناس تحبهم وتعيش معهم لأنهم قسوا على ابنها أو رفعوا صوتهم عليه !؟
متى ما أراد شيء أحضرته له كيف لا وهو ابنها الوحيد حمودي الغالي !!
بعد فترة ...تقدم لسارة كثير من الخُطّاب فتوافق حتى آخر لحظة
ثم تبدأ بالتفكير ...
كيف سيعيش هذا الطفل الصغير مع رجل غير أبوه ؟!!
كيف سيعامل هذا الرجل الغريب أبني ؟!
أخاف أن يطرده من منزله !!
أخاف أن يقسو عليه !!
وتبدأ بها الأوهام التي تصدها عن الزواج خوفا على ابنها!!
فتتراجع في آخر لحظة وتُنهي الزواج قبل بدءه !
كَبُر محمد وأصبح في سن الدراسة
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أدخلت سارة ابنها المدرسة
وأصبحت تذهب به للمدرسة وتعود معه من خوفها الشديد عليه
أنهى محمد دراسته الإبتدائية
وفي تلك الفترة توفي والد سارة ومن بعده والدتها
وقد أمنّا الحياة المادية لسارة بحيث تنازل الأب لها بالمنزل !
وبعد والداها أصبحت مسؤولية محمد طالب المتوسطة على عاتق والدته فقط فهي وليّة أمره!!
فهي التي ترعاه وترشده في هذه المرحلة الحرجة من حياته !
تخرج محمد من المتوسطة والثانوية
كبر محمد وصار شابا يافعاً
فأصبحت سارة تحلم بزواج ابنها وأنه سيملأ لها المنزل أولاد وبنات ويعوضها عمّا فات من فقدها للأطفال !
وتسترسل سارة في هذه الأحلام فتحلم بأن أحفادها يملأون منزلها ويتهافتون على حضنها !
وينادونها بـ ( أمـــــي سارة )!
( فهي تُحب الأطفال كثيراً ولكنها حُرمت منهم )
فتبتسم لهذه الخيالات المُفرحة وتقول الحمد لله سيعوضني ربي خيرا
أخذت أم محمد تقنع محمد بالزواج في كل وقت !
ودائما ما تردد على مسمعه ( عساي أشوف عيالك وأربيهم ! )
وبعد فترة ..
طلب محمد من أمه أن تبحث له عن زوجة تناسبه
كادت سارة أن تطير فرحاً!
وأخذت تبحث لإبنها الوحيد والغالي عن زوجة تستحقه في نظرها !
فتريد له زوجة جميلة تسعده في حياته !
وجدت سارة الفتاة التي ستسعد محمد في نظرها !
ذهبت الأم ومحمد وطلبا هالة من أهلها
تمت الموافقة ففرحت أم محمد وابنها
واخذوا يسعون في تجهيزات الزواج
سعت الأم في تجهيز المنزل للعروس
وهيأت الجناح الخاص للعروسين
وأثثت المنزل وهيأته لاستقبال هالة
اجتهدت أم محمد في أن تكون ليلة زفاف محمد ليلة مميزة
فأكملت جميع تجهيزات الزواج !
وتزوج محمد بهالة وكانت ليلة زواجه ليلة السعد والهناء عند سارة !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عاش محمد ووالدته وزوجته في منزل واحد
أنجبت زوجة محمد ابنته البكر
جاء محمد يحمل البشرى لأمه بوصول ابنته الأولى
كادت سارة تطير فرحاً بهذه البشرى !!
أخذت سماعة الهاتف وأصبحت تتوالى بالبشائر على جاراتها وتدعوهم لوليمة أقامتها لهذه المناسبة!
أنجبت الزوجة خمسة أطفال لمحمد
فرحت أم محمد بهؤلاء الأبناء وأحبتهم حباً شديداً
بل أن حبها لهم أصبح أكثر من حبها لولدهها محمد فقد قيل ( ما أغلى من الولد إلا ولد الولد )
لدرجة أنها تنظفهم من أوساخهم وتعتني بهم كعناية الأم بأولادها وتفرح وهي تمارس هذه المهام
ولا تسطيع مفارقتهم حتى أنها تطلب من الأطفال أن يناموا معها في غرفتها فتحكي لهم الحكايات حتى يناموا
وتقوم بالليل لتتفقدهم !!
وتسهر على راحتهم وتعتني بهم أكثر من اعتناء بعض الأمهات بأبنائهن !
وكذلك الأبناء يحبون جدتهم فهي تحببهم في نفسها بمعاملتها الطيبة معهم
( لا يخلو منزل من المشاكل )
حدثت مشكلة بين أم محمد وزوجته خرجت الزوجة على إثرها وذهبت لأهلها وتركت المنزل لزوجها
فأصبح محمد يطلب رضاها ويطلب منها العودة للمنزل
فلم تستجيب له إلا بشرط واحد :أن تسكن معه وأولادها في منزل مستقل وبعيد عن الأم !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
(محمد بين زوجته ووالدته ... والخيار الصعب !!؟)
قلنا الزوجة وافقت فقط بهذا الشرط وهو أن يخرج محمد وأبناؤه مع الزوجة لمنزل لاتكون فيه أمه
ولكن محمد بالطبع لم يوافق !!!؟
وقال أرجعي لمرة واحدة وإذا رجعت المشاكل رضخت لما تقولين !!؟ : (
رجعت الزوجة وبعدها بفترة تجددت المشاكل
(مثل ما قلنا لا يخلو منزل من المشاكل ) ولكن علينا أن نتعامل مع المشاكل بعقلانية ونجعل القرآن وسنة نبينا هي منهاجنا في حل المشاكل ولا نجعل للعاطفة مكان !!
المهم ذهبت الزوجة مرّة أخرى وقالت في هذه المرّة لن أرجع أبداً إلا إذا وافقت على الشرط في أن نسكن منزلا مستقل
وافق محمد لأمرها ورضخ لها !!
استأجر محمد منزلا والأم لا تدري!!
أسكن زوجته وأولاده فيه !!
وذهب لمنزل الأم حتى يأخذ الأثاث منه
دخل المنزل وأخذ غرف الأطفال وجميع الأثاث الخاص بهم !
لحقت به الأم بمحمد وهي تبكي وتتمسك في ملابسه !!
وش فيكم وين بتروحون !!؟
أنا بروح معكم ؟!!
تكفى يامحمد إذا ماراح أروح معكم لا تحرمني من عيالي أبيهم !!
تكفى يامحمد ياوليدي رجع عيالي لي بموت بدونهم !!
لم يستمع محمد لأمه ولم ينظر لها < فبأي وجه سينظر لتلكـ الأم التي حملت وتعبت لأجله وهكذا يجازيها !!
أخذ ملابسهم وكل مايخصهم بالمنزل وغادر بعد أن أغلق الباب !
جثت أم محمد على ركبتيها خلف الباب وهي تبكي وتكاد لا تصدق مايحصل !!
هل هذا ابني اللي حملت فيه وربيته !!؟
وأخذت تنظر إلى الباب ولسان حالها:
معقوله تجي منك وترميني لأي انسان ؟؟!!
يلملمني ولايلقا بعيوني غير دمعاتي ؟!!
انا مااصدق انك انت تنهيني من الوجدان ؟!
وترميني وانا اشوف القبر نادى مسافاتي ؟؟!!
تحملت السنين وقلت على الله أشكي الهجران ؟؟!
تحملت الأسى والضيم عشانك يابعد ذاتي ؟!!
انا امك ياهيه ؟؟!امك حملتك والعذاب ألوان ؟!
ولدتك والألم سكين يركز داخل لهاتي ؟!!
وأثناء الولاده من بكا صوتك طعنت أحزان ؟!!
لأني شفتك بصوتك تنادي كل طموحاتي ؟!
مهدتك في عيوني وعين يشرب حزنها القرآن ؟؟!
وهزيتك .. ! وكان النور يتهزهز من دعاتي ؟!!
اضمك في يديني لا تجي وتقول أنا بردان ؟!
تركت البرد لظلوعي رح انشد رعشة شفاتي ؟!
وصحى بي البرد واللاهوب وأنت بداخلي دفيان؟!
وزولك من ركض فيني لمست بداخلي أوطان ؟!
وتركتك تبني بمجدك على اكتاف أنكساراتي ؟!
تذكر يوم مدرستك؟! صدى وكفوفنا الحرمان ؟!
وكانت سلعته من فلس!! خلقته لك بشيلاتي ؟!
كبرت وصرت بعيوني شجاع واشهم الفرسان ؟!
وحلفت أني على عرسك لارقّص كل شيباتي ؟!
أسولف للبشر عنك أقول ولابه أي نقصان ؟!
رضع عز الشهامه شب طموحه في معاناتي ؟!
يقولون الولد هو خان اقول وليدي لا ماخان !!!
وهم يدرون ماغطى منامي غير وناتي ؟!
افا وشلون تتركني؟! يكحلني عمى النسيان ؟!!!
وانت ادرى في يوم الحشر جنه تحت خطواتي !!
لك الله مانطق صوتي لك الا بدعوة الغفران !!
ولكن خوفي من حزني ومن دعوات عبراتي !!
تدين اليوم ياوليدي وباكر للأسف تندان ؟!
ويرمونك مثل أمك وتذكّر حلم شيباتي؟!!!
معقولـة تجي منكـ !؟
للحفظ حفظ الله لكم أمهاتكم ومن تحبون : (
للحفظ حفظكم الرحمن
خرجت أم محمد مسرعة وهي تتعثر في خطاها !!
محتارة إلى أين ستذهب ولمن ستشتكي وبمن تستنجد !!
فذهبت لمنزل خالتي
ومنذ دخلت عليها إنهارت باكية وتقول : شفتي يا أم عبدالعزيز محمد طلع بعياله وتركوني !!
وتتمسك في خالتي وتقول : ابني محمد هل تتذكرينه يا ام عبدالعزيز؟!!!
هل تتذكرين أنني أنجبته !!؟
هل تذكرين أنني انا التي ربيته !!؟
هل تذكرين انني ياما حزنت لإسعادة !!؟
هل تتذكرين ذلك !!!أم أنني أحلم !!!
هدأت خالتي من روعها وذكرتها بالله
وقالت لاتحزني فكل مايحدث للإنسان هو مكتوب عليه ومقدر
ففي الترمذي عن ابن عباس قال ردفت رسول الله يوما فقال يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله رفعت الأقلام وجفت الصحف لو جهدت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا وفي بعض روايات الحديث في غير الترمذي فلو أن الناس اجتمعوا على أن يعطوك شيئا لم يعطه الله لم يقدروا عليه ولو أن الناس اجتمعوا على أن يمنعوك شيئا قدره الله لك ما استطاعوا فاعبد الله مع الصبر على اليقين
وقال علي بن الجعد أنبأنا عبدالواحد البصري عن عطاء بن أبي رباح قال سألت الوليد بن عبادة بن الصامت كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت قال جعل يقول يا بني اتق الله واعلم أنك لن تتق الله ولن تبلغ العلم حتى تعبد الله وحده وتؤمن بالقدر خيره وشره قلت يا أبت كيف لي أن أؤمن بالقدر خيره وشره قال تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك فإن مت على غير هذا دخلت النار سمعت رسول الله يقول إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال ما أكتب فجرى تلك الساعة بما كان وما هو كائن إلى الأبد
والجأي لله بالدعاء فهو الذي بيده كل شيئ وبيده تغيير الأحوال
ولا تخافين مافيه مظلوم إلا ويرد له الله حقه في الدنيا قبل الآخرة !!
وهذه دنيا فانية كلها وقت وتنتهي فقط اعملي للباقية !!
( خالتي معلمة دين )وقد كانت سارة تأنس بحديثها لأنها تدعمه بقول الله ورسوله فتُقنعها به وترضى !
طلبت زوجة محمد من أبنائها عدم الذهاب لجدتهم ومنعتهم منها منعا باتاً!!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
رأيت أم محمد عند خالتي
والله لا أنسى جلستها وكلماتها ودمعاتها ماحييت !!!!
كانت جالسة ممتدت رجليها للأمام ويديها على ركبتيها
كانت تقص لنا القصة وتقول تصدقون كملت الآن عنهم أربع سنوات ماشفتهم !!
مدري وينهم ساكنين ولا كان أروح لهم وأسلم عليهم !!!
تقول : ما أنسى ذلك الموقف يوم طلّع أبوهم غرف نومهم من بيتي والله كأنه يُخرج من بيتي جنائز أوادم وليس أثاث !!؟؟؟!!
بكت وأبكتنا معها !!!!
رفعت أم محمد يديها لربها وأخذت تدعو على زوجة ابنها بدعاء تقشعر منه الأبدان !!
أصبحت أم محمد وحيدة في منزلها فيتصدق عليها بعض الجيران وأهل الخير !!
ولا يدعونها فقد عوضها الله بجيران يخافون الله وكانوا لها بمثابة الأهل !
فمتى ما أحست بضيق جاءت لخالتي أو أحدى جاراتها لتسهر معها وترفه عن نفسها قليلا !!
ولكن مالذي يطفئ حرقة قلب الأم على أبنائها !!!!
تعبت أم محمد !!
أصابها السكري والضغط !!
فإذا أحست بالتعب خرجت من منزلها تبحث عند الجيران عمّن يوصلها للمشفى !!
فمرّة يذهب بها جارهم أبو أبراهيم ومرّة جارهم أبو عبدالله وهكذا !!
ومرات تتنوم بالمستشفى !!
توفيت أم محمد بعد معاناة نفسية وجسدية شاقة !!
ووحدة هدّت جسدها النحيل !!
سألت خالتي وبناتها عزيتوا في وفاة أم محمد !؟
قالت : ومن نُعزي ؟؟!
أم محمد وماتت الله يغفر لها ويرحمها !!
ولكن لا نملكـ لها غير الدعاء !!
لا أملكـ دموعي حينما أتذكرها : (
رحمكِ الله يا أم محمد والله لا أنساكـِ من دعواتي !!: (
ولكن السؤال : هل سلم محمد وزوجته من الله ؟!!
هل عاشوا حياة سعيدة ؟؟!!بقهرهم ورميهم لهذه المرأة المسكينة!!؟
( مهما عملت وأخطأت الأم في حق الزوجة تبقى أم وكبيرة سن يجب أن تُحترم مشاعرها !! والتغاضي عمّا تقول بقدر المستطاع !)
لنرى في الفصل الأخير ماذا حصل لمحمد وزوجته !!؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إن الله يُمهل ولا يُهمل
والجزاء من جنس العمل
وكل ذنب تؤخر عقوبته ليوم الحساب إلا عقوق الوالدين فإنه تعجّل عقوبته في الدنيا قبل الآخرة !!
ويرى العاق عقوبة عقوقه في أبناءه والمقربين منه في حياته !
فكما تدين تُدان !
فلننظر ماذا حدث لمحمد وزوجته ؟!
أما محمد تعرض لحادث وأصبح في حاجة لأبنائه ولكنهم طردوه هم ووالدتهم !!
أتدرون إلى أين ذهب ؟!!
ذهب لمنزل والدته التي تركها فيه وهي مريضة وكبيرة بالسن وقد كانت بحاجة له حينما كان شابا فتيا!!
جلس في هذا المنزل وحيداً كما كانت والدته !!!!
ولكنه لم يجدها فيه ؟!!
لم يجد إلا بقايا ملابسها وغرفتها !!
وسجادتها
ومصحفها الذي كان يؤنسها !!!
ولسان حاله يقول وهو ينظر لبقاياها !!:
يمـه أنا ندمان !!
أبكي على ماكاان !!
أصبحت أنا الخسران !!
يمــه يا يمــــه آآآآه !
***
ضيعت أنا دربي !!
جاهرت أنا بذنبي !!
أغضبت أنا ربــي !!
يمــــه يا يمـــه آآآآآآه !!
***
عيالي ذلووني!!
للبعد ودوني !!!
وحيــد خلوووني !!
يمــــه يا يمــــــــه آآآآآآآه !!
*******
هذي مجازاتيــ !!
عن مامضى وفاتِ!!
كتبت مأساتيــ !!
بحبر الألم والآآآآآآآآآآآه !!!
***
وأما الزوجة فأصابها مرض بالجسم يُفسد الأعضاء !!
فكلما حلّ في عضو قام الأطباء باستئصاله !!
فياترى هل مايحصل عقوبة إلاهية ؟!!
هذا والله أعلم
هذه القصة حقيقية لأم محمد وهي جارة لخالتي أم عبدالعزيز
طبعا مع تغير الأسماء
أرجو منكم نشر القصة عسى الله أن ينفع بها !
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقوووله
