بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دراسة: الحب وحده ليس كافيا لاستمرار الزواج
سيدني (رويترز) - توصل العلماء الاستراليون الى ما يحتاج اليه الزوجان لكي يبقيا معا الى الابد ولكن اتضح ان الامر يتعلق باشياء كثيرة غير الحب.
وخلصت دراسة اجراها باحثون من الجامعة الوطنية الاسترالية الى ان عمر الزوجين وعلاقاتهما السابقة وحتى اذا كانا يدخنان أم لا جميعها عوامل تؤثر على استمرار زيجتهما.
وتتبعت الدراسة التي حملت عنوان "ما الذي يفعله الحب" What's Love Got to Do With It أحوال نحو 2500 من الازواج الذين يربط بينهم رباط الزواح او يعيشون معا بغير زواج في الفترة من العام 2001 الى 2007 للتعرف على العوامل المرتبطة بهؤلاء الذين استمروا معا مقارنة مع هؤلاء الذين طلقوا أو انفصلوا.
ووجدت الدراسة ان الزوج الذي يكبر زوجته بتسع سنوات أو أكثر يزيد احتمال انفصاله عن زوجته الى المثلين وكذلك الازواج الذين اقترنوا بزوجاتهم قبل بلوغ سن الخامسة والعشرين.
والاطفال ايضا يؤثرون على طول عمر الزواج او العلاقة بين الرجل والمرأة اذ وجدت الدراسة ان خمس الازواج الذين لديهم اطفال قبل الزواج -- سواء من علاقة سابقة أو من العلاقة نفسها-- انفصلوا مقارنة مع تسعة بالمئة فقط للازواج الذين لم يرزقوا باطفال قبل الزواج.
وتوصلت الدراسة الى ان النساء اللاتي لديهن شغف اكبر من شريك حياتهن لانجاب الاطفال يزيد احتمال طلاقهن.
ويلعب اباء وامهات الزوجين ايضا دورا في حياة الرجل والمرأة اذ اظهرت الدراسة ان 16 بالمئة من الرجال والنساء الذين انفصل اباؤهم وامهاتهم أو طلقوا عانوا أنفسهم من انفصال في حياتهم الزوجية مقارنة مع 10 بالمئة للذين لم ينفصل اباؤهم وامهاتهم.
وايضا الزوج أو الزوجة الذي يخوض تجربة الزواج للمرة الثانية أو الثالثة يزيد لديه احتمال الانفصال بنسبة 90 بالمئة مقارنة مع هؤلاء الذين يخوضون التجربة للمرة الاولى.
وليس من المفاجئ ان يلعب المال دورا في الحياة الزوجية اذ قال نحو 16 بالمئة من المشاركين بالدراسة الذين وصفوا أنفسهم بانهم فقراء أو في الحالات التي كان الزوج --وليس الزوجة-- لا يعمل انهم انفصلوا مقارنة مع تسعة بالمئة فقط للازواج ميسوري الحال.
وكذلك اذا كان أحد الزوجين مدخنا والاخر لا يدخن فهذا يزيد احتمال انتهاء العلاقة بينهما بالفشل.
ومن بين العوامل التي وجد انها لا تؤثر بشكل كبير على احتمال انفصال الازواج كانت عدد وعمر الاطفال الذين ولدوا بعد الزواج والوضع الوظيفي للزوجة وعدد سنوات عمل الزوجين.
مفاجآت ما بعد الزواج
مريض نفسي
مها شابة جميلة لم تمل من رسم صورة زاهية لشريك العمر الذي اختاره والداها لها وبعد الزواج بأسبوع انهار زوجها فجأة، ولم يعد قادراً على ضبط أعصابه، وعندما حضر والداه أخبراها أنه مصاب بحالة نفسية منذ سنوات، وأكيد أنه أهمل تناول العلاج الذي اعتاده، وهنا كان لها الصبر ولكن مع الأيام لم تستطع التحمل، فآثرت إرجاع كل ما قدمه لها على أن يطلقها قبل أن تفقد عقلها وكان لها ما تريد.
توافقها سارة فتتمنى لو أن الفحص الطبي قبل الزواج يشمل النواحي النفسية والعقلية، لأن بعض الأسر تقبل على تزويج ابنها أو ابنتها المريض / المريضة نفسياً دون إخطار الطرف الثاني .. وهذا غش وخداع، وهذا ما عانت منه في زواجها الأول فبعد مرور الأيام الأولى بسلام لاحظت تغير حالة زوجها المزاجية وتصرفاته الغريبة والمحبطة، وبعد أن ظلت تعاني منه واجهته فأخبرها أنه مصاب بانفصام ذهني، وأن عليها أن تتعايش مع الوضع كما هو عليه، وبعد أن زاد الوضع صعوبة لجأت إلى الطلاق.
وبرر لها ذلك فتوى الشيخ الجليل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله عن عدم جواز إخفاء المرض النفسي عند الزواج وأن ذلك من الغش.
اكتشاف متأخر
أما فارس .. فلقد رفع شعار (الحب أعمى) الذي لا يرى إلا بعد الزواج، وقد ارتبط بفتاة بعد قصة حب عاصفة وإصرار على الزواج منها رغم اعتراض أهله وبعد الزواج اكتشف كما يقول أن كل ما كانت تمثله من الرقة والحنان يخفي بشاعة لا تحتمل، فهي دائمة الشك في كل شيء بدءاً منه في كل ما يتعلق بشؤون الحياة، حتى تحولت حياته كما يقول إلى كابوس فظيع بشكها وهوسها الزائد ويضيف : لذلك قررت أن اشتري راحتي النفسية وأرسلتها إلى أهلها دون رجعة غير آسف على ما دفعته لها.
بارد كالثلج
فاطمة لها قصة ثانية مع مقلب العمر فهي الفتاة المحبة للحياة وصخبها من تسوق وسفر صدمتها مفاجأة أجهضت فرحتها، فزوجها الذي تزوجته عن طريق الخاطبة .. هادىء جداً يميل للوحدة والسكون في المنزل و لا يكاد تسمع صوته , شجاره صامت يرفض خروجها للمظاهر الاجتماعية أو السوق ومع ذلك استمرت معه في وئام كامل بفضل هدوئه وصبره على عصبيتها.
لا يتحدث إلا نادراً
(ع. الزاهد) اكتشفت أن سكوت خطيبها قبل الزواج لم يكن خجلاً من أهلها، ولا هو بسبب عدم توفر حرية الكلام، بل لأنه من النوع الصامت الذي لا يحب الكلام إلا في ما ندر، وتقول: بعدما تزوجته اكتشفت أنه مثل أبيه لا يتحدث إلا نادراً.. بينما أمه لا تسكت !
وتضيف: كان الأمر مملاً في بداية ارتباطنا، وسبب لدي الكثير من الإحباط، ولكنني اليوم سعيدة مع زوجي بعد أن تعودت على طبيعته، وتقبلته كما هو.. ويكفيني أنه طيب معي بالأفعال والمواقف وكريم جداً .
فترة الخطوبة إما لكِ أو عليكِ
فترة الخطوبة والتي تسبق الزواج تكون للتعارف عن قرب.. والاكتشاف الآخر.. عاداته.. تقاليده.. سلوكياته.. وبعدها يقرر الطرفان الاستمرار أم لا ....!! ومع أن هذه الفترة من أخصب الفترات التي تسبق الزواج، وأكثرها تعلقاً بالذاكرة لما يحدث فيها من مكاشفة ومواجهة ومواقف طريفة.. إلا أنها قد لاتكون كافية لاكتشاف الطرف الآخر.
ولعل العادات والتقاليد أو تدخل الأهل بين الخطيبين وخاصة أهل الفتاة هو الذي يفسد اكتشاف الكثير من الصفات عند الفتاة، والتي تكون صدمة الزوج كبيرة عندما يكتشفها فجأة بعد الزواج.. فالمكياج، والكلام المنمق ، والتكلف في كل شيء، قد يخفى وراءه قبح وعيوب خلقية.. قد تنتهي بالطلاق في أول ليلة زواج بمجرد اكتشاف كل طرف حقيقة الطرف الآخر بدون خداع !!.. وقد تستمر الحياة على مضض..
لا تجيد الطبخ
من الطبيعي أن يحاول كل طرف إظهار أحسن ما لديه في فترة الخطوبة، والمبالغة في ذلك، ليس للخداع، ولكن لإثارة الإعجاب والحصول على الرضا ونظراً لمحدودية فرص التعارف وقصر الفترة يصعب على الشاب أو الفتاة رؤية الوجه الآخر للثاني، وهذا ما أشار إليه أبو راشد، والذي يقول: (أثناء فترة الخطوبة اعتقدت أن خطيبتي تجيد الطبخ، وأخذت هذا الانطباع من عدة أطباق حلويات تناولتها في بيتهم وقيل لي أنها هي التي صنعتها.. بصراحة،؟ سررت كثيراً فقد كنت أخشى أن أتزوج فتاة ممن لم يتعلمن الطبخ ويكرهن الوقوف في المطبخ، ولكن هذا ما حدث بعد الزواج، قالت لي أنها صنعت الحلوى بمساعدة أمها، وأنها لم تخبرني آنذاك لأنها لم تكن ملزمة، وكأن الأمر مجرد تسلية! ولكنها في الحقيقة لا تجيد الطبخ، وتعتمد على أمها في ذلك.. خاب ظني، ولكنه ليس بالأمر الخطير، لذا فقد جعلتها تتعلم الطبخ من والدتي) .
مطبخ خارج التغطية
أحد المتزوجين حديثاً قال : أنه تفاجأ بزوجته التي لا تجيد الطبخ إلا في بعض الاجتهاد ات النادرة كتحضير طبق من «بيض « أو قدح من الشاي، أو وجبة سريعة من «الأندومي» أما باقي الوجبات والعصائر والمقبلات فهي بريئة منها كبراءة الذئب من دم يوسف..!!
ويضيف أنه عرف أن زوجته لا علاقة لها بالمطبخ عندما لم تفرق يوماً بين «البقدونس» و «الكزبرة»..!
ويستطرد بالقول أنه وبالرغم من ازدحام مكتبته بأنواع الكتب المعنية بتعلم فنون الطبخ، إلا أن «المحسوبة عليه كزوجة» لم تعرها أي اهتمام يذكر، بل بدأت بإهداء بعض هذه الكتب لبعض صديقاتها، لأنها ليست بحاجة إليها كما تقول، لأنها تحفظ أرقام هواتف المطاعم، أكثر من حفظها لرقم هاتف الدفاع المدني، بل وتحتفظ بقوائم طلبات هذه المطاعم بكل تفاصيلها...،ويضيف بكاهة لاذعة ويبدو أنني فهمت الآن كيف أصبحت صنعاء مدينة مزدحمة تتنافس على شوارعها الضيقة كل من سيارات الأجرة التي تتوالد كل يوم، وسيارات خدمة توصيل طلبات المطاعم التي تعمل في جميع الأوقات!
ويتحسر هذا الزوج على مطبخ منزله الفاخر الذي صمم ديكوراته بعناية فائقة، ولكنه ظل خارج نطاق التغطية منذ بداية زواجه.. ، ومع ذلك فهو لا ينكر أن هذا المطبخ الفاخر قد راق كثيراً لزوجته، وحاز على رضائها، إلا أنها تذكره دائما أن هذا المطبخ تنقصه «شغالة»..
وكاقتراح أخير لهذا الزوج فإنه جعل زوجته تعود مع كتبها الجديدة إلى بيت أمها، وأن يعطيها مهلة كافية لتتعلم كيف تصبح ربة بيت محترمة...
زيادة التعارف لا تضمن النجاح
يتفق علماء النفس على ضرورة وجود فترة تعارف سابقة
للزواجبين الشاب والفتاة، وفي الواقع إن ما يسمى بالخطوبة تمارس في
كل المجتمعات البشرية بكل عاداتها وتقاليدها وأديانها، وإن اختلف شكل الخطوبة ومتطلباتها، إلا أن الهدف الأساسي منها واحد في كل المجتمعات وهو: التمهيد لزواج طرفين وتهيئتهما نفسياً وعاطفياً للمرحلة الجديدة.
يقول (د. ريمون حمدان) أخصائي العلاج النفسي والمشاكل الزوجية والأسرية: الخطوبة.. أو فترة البحث عن شريك للحياة بهدف الزواج، هي سلوك طبيعي لدى البشر. وقد صنفه علماء السلوك الإنساني في خمس مراحل متتابعة تمر بها مشاعر الخطيبين قبل الوصول إلى مرحلة الزواج:
* المرحلة الأولى: وهي مرحلة التعارف المبدئي، يعمل فيها (الغريبان) على توصيل ما يكفي من المعلومات عن نفسيهما لشد الانتباه والتشجيع على متابعة التعارف.
* المرحلة الثانية: تتكون بينهما رابطة مبنية على فكرة كل منهما عن الآخر ومشاعره نحوه بناء على المعلومات التي وصلت إليه خلال المرحلة الأولى، ويرى كل طرف الطرف الثاني على أنه فرد متميز بصفات معينة تميزه عن الأغلبية.
* المرحلة الثالثة: في حال كون المعلومات المتحصلة في المرحلتين الأوليين مشجعة ومريحة للنفس، يحدث بين الطرفين ميل شخصي ومزيد من التقارب النفسي ينقلهما إلى المرحلة الرابعة.
* المرحلة الرابعة: يزداد التقارب بينهما، وتقوى ثقتهما ببعضهما، ويشعر كل منهما بالأمان أكثر فيكشف المزيد عن نفسه وخصوصياته.
* المرحلة الخامسة: يكون الخطيبان قد وصلا إلى حالة من التقارب والارتباط العاطفي والنفسي مبنية على إحساس بالمعرفة الكافية والقبول بالطرف الثاني، وبالتالي يؤخذ قرار (الزواج) بكثير من الارتياح والثقة بالمستقبل.
ويضيف (د. حمدان)، ولكن لا احد يستطيع أن يحدد مدى حدود المعرفة الكافية في فترة ما قبل الزواج، ولا ما إذا كان افتراض كلما زادت المعرفة زادت فرص نجاح الزواج وضمان النتائج افتراضاً صحيحاً. فقد بينت الدراسات التي أجريت فيما مضى في الغرب، حيث يستطيع الشباب والفتيات التعارف دون أي قيود أسرية ولا اجتماعية، إن طول وعمق فترة التعارف بين الطرفين لم يشكلا ضماناً لحدوث الارتباط بالزواج، ولاضماناً لنجاح الزواج واستمراره لو حدث الارتباط فمثلاً إحدى الدراسات التي أجريت على عدد كبير من الأفراد الذين تربطهم علاقات عاطفية حميمة جداً، ويعيشون مع بعضهم البعض كفترة تجريبية قبل الارتباط بالزواج، في الولايات المتحدة، وبعد متابعة علاقة هذه المجموعة على فترات متتالية بينت الدراسة أن « 60 % « من المجموعة لم يتزوجوا.. وانفصلوا بحثاً عن أزواج خارج العلاقة.
كذلك تبين أن الذين تزوجوا بعد تجربة (التعايش) لم يكونوا أسعد ولا أكثرإخلاصاً من الذين تزوجوا بعد فترة تعارف قصيرة ولم يسكنوا مع بعضهمالبعض، فكانوا يواجهون نفس حجم المشاكل والخلافات التي يواجهها غيرهم ممن تزوجوا دون معرفة طويلة قبل الزواج. ويستطرد د. حمدان: إلا أن هذا لا ينفي أنه لابد من وجود مشاعر الألفة والميل الناتجين عن التوافق الفكري والنفسي لأي اثنين يريدان الزواج، وهذا لايمكن تحقيقه إلا بوجود فترة تعارف تسبق القرار الكبير.. « الزواج »، أما كيف يتم هذا التعارف والتفاهم، فهو أمر يعتمد على عناصر وعوامل عديدة يختص فيها كل مجتمع وأسرة .
مفاجآت سارة
ولكن هناك من أسعدهم الحظ وتمكنوا في فترة الخطوبة وعقد القران من رؤية الأمور بوضوح، وبالتالي دخول الحياة الزوجية على (نور) فكانت المفاجأة بعد ذلك سعيدة ومرضية وهذا ما حدث مع الأخت (ل. التركي) التي قالت: كانت فترة الخطوبة تقليدية، يعني كان الأهل يجلسون معنا، لذلك لم تتح لنا فرصة التعرف على بعضنا بشكل جيد، فعقدنا القران، وحصلنا على حرية أكبر، وبقينا هكذا لمدة 7 أشهر. بعدها تزوجنا، ونحن الآن سعداء. والمسألة هنا ليست مسألة حظ، فأحياناً لا يحدث الاتفاق والتفاهم بعد عقد القران، وينفصل الاثنان، وتخرج الفتاة من العلاقة بلقب مطلقة.
الملابس تخدع
أما (د.س) فقد وصفت لنا انخداع شقيقها بزوجته بطريقة ساخرة قائلة: اكتشف أخي المتزوج حديثاً أن الملابس والمكياج يخدعان، ففي فترة الخطوبة بدت له خطيبته مختلفة عنها بعد الزواج.
وتضيف: لا أريد الدخول في التفاصيل التي ذكرها لنا أخي، ولكن الملابس والماكياج تغطي الكثير، بل تغير شكل الجسم، وتتابع: ولكن أخي إنسان قنوع إذ تقبل الأمر ولم يجرحها بقول أو فعل، فهو على حد قوله لم يكتشف عيوباً خلقية، سوى أن عينيها الحقيقيتين أصغر من عينيها بالمكياج.. وهذا الشيء كما يقول عادي ويجب تقبله.
لم أمر بفترة خطوبة
(ن. م) تزوجت بعد معرفة تمت أثناء عقد القران تقول: أهلي متمسكون بالعادات والتقاليد ورفضوا فكرة الخطوبة من دون ارتباط شرعي، لذلك عقدنا القران، وتعرفت على زوجي بعد ذلك. ولكن مهما تعرفنا على بعضنا البعض، فهناك أشياء كثيرة لايمكن اكتشافها إلا بعد الزواج. والحمد لله حياتي سعيدة لأنني أعرف كيف أسيطر على الأمور في حال حدوث مشاكل. ولكنني أؤيد تمديد فترة الخطوبة قبل عقد القران، لأن كثيراً من الفتيات لا يوفقن بعد عقد القران، وينفصلن بصورة مأساوية .
المسألة نسبية
بالنسبة إلى (مبارك عبدالله)، فالأمر سيان، فهو يعتقد أن طول فترة الخطوبة أو قصرها، ووجود الأهل أو عدمه لن يغير من الأمور شيئاً، ويتابع: المسألة نسبية، وكل شخص يختلف عن الآخر، فأنا مثلاً بعد عودتي من الخارج التقيت فتاة كانت من اختيار الأهل، وخطبتها لفترة وكنا نلتقي بوجود الأهل، ومن خلال الحديث معها أحسست أنها توافق طباعي وميولي، لذلك قررت عقد القران حتى نكون أقرب، ونتعرف إلى بعضنا البعض أكثر.. وبصورة عامة، ليس هناك ضمان لعدم وجود مفاجآت بعد الزواج، فالمشاكل قد تحدث بعد الزواج حتى لو مر الزوجان بفترة خطوبة كافية وأعتقد أنهما مقتنعان ببعضهما البعض.. أما بالنسبة إلى الخوف من حمل الفتاة لقب مطلقة في حال الانفصال بعد عقد القران، فهذا قلق مبالغ فيه، ولم يعد هذا اللقب يعني شيئاً، فالشباب تطوروا وتغيرت نظرتهم للأمور، ومنها مسألة طلاق الفتاة وارتباطها مرة أخرى.
رأي علم النفس والاجتماع والتربوي
النضوج والوعي
نسبة الطلاق في بداية الزواج في مجتمعنا إلى عدم توفر فرص المعرفة الكافية قبل الزواج، وقبل الارتباط بعقد القران الذي يوجد شعوراً بالالتزام ويفقد الزوجين الكثير من الحرية .
يقول (د. عبد الرحمن سهيل) أستاذ جامعي، قسم التربية: لننظر إلى المجتمعات الغربية، حيث حرية التعارف بين الجنسين حرية كاملة، ورغم ذلك فإن نسبة الطلاق عندهم عالية جداً. إذن المسألة ليست مسألة إعطاء مزيد من الحرية لتعارف الخطيبين، ولكن المسألة مسألة ألا يستعجل احد الطرفين في الزواج قبل الوصول إلى درجة من الوعي والنضوج لتحمل مسؤولية تكوين أسرة مستقرة وتوفير مناخ عملي للاستمرارية.
إذا توفرت هذه العوامل سهلت الأمور الأخرى ووضحت. فالشاب مثلاً، لا يجب أن يعتمد اعتماداً كلياً على اختيار أهله للبنت من دون أن يراها ويتعرف على طباعها وشخصيتها ومعرفة مدى التقارب الفكري والثقافي بينهما. كل هذا يمكن تحقيقه أثناء فترة الخطوبة بشكلها السائد في مجتمعنا الذي يتيح للفتاة والشاب التعرف على طبائع بعضهما البعض تحت نظام متكامل وضوابط شرعية لا تعيق عملية التعارف التي تتم بوجود محرم. أما بالنسبة إلى التقاء الشاب والفتاة منفردين فهذا أمر مرفوض من ناحية شرعية.
الشفافية مطلوبة
عارف العتيبي أخصائي اجتماعي.. قال : إن اكتشافات ما بعد الزواج شيء بديهي وطبيعي ما لم تكن هناك أمور عميقة وجوهرية.. وكل ما يمكن أن تسببه هو بعض الإزعاج والمشاحنات البسيطة التي تعتبر ملح الحياة الزوجية.. وعلى كل شخص أن يتقبل حقيقة اختلاف الآخر عنه.. فليس هناك تطابق مائة في المائة بين الزوجين، وهذه القناعة التي تأخذ بيد الحياة الزوجية لبر الأمان.. واعتماد الشفافية الكاملة في فترة الخطوبة وعدم تزييف الحقيقة، ومعرفة العيوب وتفهمها تساعد على حياة سعيدة مستقرة بلا مفاجآت..
الاختلاف يخلق الإحباط
أما الدكتور علي الجرجاني اختصاصي نفسي يقول: إن اكتشاف اختلافات بين الأزواج بعد الزواج يخلق نوعاً من الإحباط.. إذ تكون هناك هوة بين الواقع وما هو متوقع.. وإذا لم يتم التغلب على هذه الحالة فإنها تتطور إلى يأس وكآبة وفقدان للتوازن.. فتنشأ بيئة خصبة للكثير من المشكلات والمشاحنات التي يمكن أن تحطم الحياة الزوجية، وأن المخرج هو الاختيار السليم وتوافر درجة من الوعي والنضج بين الطرفين لتحمل مسؤولية الزواج.
و إذا كان الاختيار سليماً مبنيا على الحرص الشديد، وعلى السؤال عن الطرف الآخر والتأكد من صلاحيته ومناسبته للزواج فهو يقضي على المشكلة من أساسها، وقليل من المفاجآت لا يهدم العلاقة الزوجية لأنه لا يوجد إنسان في الدنيا دون عيوب لذا لابد أن نفكر بعقلانية وأن الشريك ليس ملاكاً وعلينا أن نتحمل عيوبه المقبولة، لأننا نحن أيضاً لدينا عيوب نتوقع أن يتحملها هو أيضاً..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دراسة: الحب وحده ليس كافيا لاستمرار الزواج
سيدني (رويترز) - توصل العلماء الاستراليون الى ما يحتاج اليه الزوجان لكي يبقيا معا الى الابد ولكن اتضح ان الامر يتعلق باشياء كثيرة غير الحب.
وخلصت دراسة اجراها باحثون من الجامعة الوطنية الاسترالية الى ان عمر الزوجين وعلاقاتهما السابقة وحتى اذا كانا يدخنان أم لا جميعها عوامل تؤثر على استمرار زيجتهما.
وتتبعت الدراسة التي حملت عنوان "ما الذي يفعله الحب" What's Love Got to Do With It أحوال نحو 2500 من الازواج الذين يربط بينهم رباط الزواح او يعيشون معا بغير زواج في الفترة من العام 2001 الى 2007 للتعرف على العوامل المرتبطة بهؤلاء الذين استمروا معا مقارنة مع هؤلاء الذين طلقوا أو انفصلوا.
ووجدت الدراسة ان الزوج الذي يكبر زوجته بتسع سنوات أو أكثر يزيد احتمال انفصاله عن زوجته الى المثلين وكذلك الازواج الذين اقترنوا بزوجاتهم قبل بلوغ سن الخامسة والعشرين.
والاطفال ايضا يؤثرون على طول عمر الزواج او العلاقة بين الرجل والمرأة اذ وجدت الدراسة ان خمس الازواج الذين لديهم اطفال قبل الزواج -- سواء من علاقة سابقة أو من العلاقة نفسها-- انفصلوا مقارنة مع تسعة بالمئة فقط للازواج الذين لم يرزقوا باطفال قبل الزواج.
وتوصلت الدراسة الى ان النساء اللاتي لديهن شغف اكبر من شريك حياتهن لانجاب الاطفال يزيد احتمال طلاقهن.
ويلعب اباء وامهات الزوجين ايضا دورا في حياة الرجل والمرأة اذ اظهرت الدراسة ان 16 بالمئة من الرجال والنساء الذين انفصل اباؤهم وامهاتهم أو طلقوا عانوا أنفسهم من انفصال في حياتهم الزوجية مقارنة مع 10 بالمئة للذين لم ينفصل اباؤهم وامهاتهم.
وايضا الزوج أو الزوجة الذي يخوض تجربة الزواج للمرة الثانية أو الثالثة يزيد لديه احتمال الانفصال بنسبة 90 بالمئة مقارنة مع هؤلاء الذين يخوضون التجربة للمرة الاولى.
وليس من المفاجئ ان يلعب المال دورا في الحياة الزوجية اذ قال نحو 16 بالمئة من المشاركين بالدراسة الذين وصفوا أنفسهم بانهم فقراء أو في الحالات التي كان الزوج --وليس الزوجة-- لا يعمل انهم انفصلوا مقارنة مع تسعة بالمئة فقط للازواج ميسوري الحال.
وكذلك اذا كان أحد الزوجين مدخنا والاخر لا يدخن فهذا يزيد احتمال انتهاء العلاقة بينهما بالفشل.
ومن بين العوامل التي وجد انها لا تؤثر بشكل كبير على احتمال انفصال الازواج كانت عدد وعمر الاطفال الذين ولدوا بعد الزواج والوضع الوظيفي للزوجة وعدد سنوات عمل الزوجين.
مفاجآت ما بعد الزواج
مريض نفسي
مها شابة جميلة لم تمل من رسم صورة زاهية لشريك العمر الذي اختاره والداها لها وبعد الزواج بأسبوع انهار زوجها فجأة، ولم يعد قادراً على ضبط أعصابه، وعندما حضر والداه أخبراها أنه مصاب بحالة نفسية منذ سنوات، وأكيد أنه أهمل تناول العلاج الذي اعتاده، وهنا كان لها الصبر ولكن مع الأيام لم تستطع التحمل، فآثرت إرجاع كل ما قدمه لها على أن يطلقها قبل أن تفقد عقلها وكان لها ما تريد.
توافقها سارة فتتمنى لو أن الفحص الطبي قبل الزواج يشمل النواحي النفسية والعقلية، لأن بعض الأسر تقبل على تزويج ابنها أو ابنتها المريض / المريضة نفسياً دون إخطار الطرف الثاني .. وهذا غش وخداع، وهذا ما عانت منه في زواجها الأول فبعد مرور الأيام الأولى بسلام لاحظت تغير حالة زوجها المزاجية وتصرفاته الغريبة والمحبطة، وبعد أن ظلت تعاني منه واجهته فأخبرها أنه مصاب بانفصام ذهني، وأن عليها أن تتعايش مع الوضع كما هو عليه، وبعد أن زاد الوضع صعوبة لجأت إلى الطلاق.
وبرر لها ذلك فتوى الشيخ الجليل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله عن عدم جواز إخفاء المرض النفسي عند الزواج وأن ذلك من الغش.
اكتشاف متأخر
أما فارس .. فلقد رفع شعار (الحب أعمى) الذي لا يرى إلا بعد الزواج، وقد ارتبط بفتاة بعد قصة حب عاصفة وإصرار على الزواج منها رغم اعتراض أهله وبعد الزواج اكتشف كما يقول أن كل ما كانت تمثله من الرقة والحنان يخفي بشاعة لا تحتمل، فهي دائمة الشك في كل شيء بدءاً منه في كل ما يتعلق بشؤون الحياة، حتى تحولت حياته كما يقول إلى كابوس فظيع بشكها وهوسها الزائد ويضيف : لذلك قررت أن اشتري راحتي النفسية وأرسلتها إلى أهلها دون رجعة غير آسف على ما دفعته لها.
بارد كالثلج
فاطمة لها قصة ثانية مع مقلب العمر فهي الفتاة المحبة للحياة وصخبها من تسوق وسفر صدمتها مفاجأة أجهضت فرحتها، فزوجها الذي تزوجته عن طريق الخاطبة .. هادىء جداً يميل للوحدة والسكون في المنزل و لا يكاد تسمع صوته , شجاره صامت يرفض خروجها للمظاهر الاجتماعية أو السوق ومع ذلك استمرت معه في وئام كامل بفضل هدوئه وصبره على عصبيتها.
لا يتحدث إلا نادراً
(ع. الزاهد) اكتشفت أن سكوت خطيبها قبل الزواج لم يكن خجلاً من أهلها، ولا هو بسبب عدم توفر حرية الكلام، بل لأنه من النوع الصامت الذي لا يحب الكلام إلا في ما ندر، وتقول: بعدما تزوجته اكتشفت أنه مثل أبيه لا يتحدث إلا نادراً.. بينما أمه لا تسكت !
وتضيف: كان الأمر مملاً في بداية ارتباطنا، وسبب لدي الكثير من الإحباط، ولكنني اليوم سعيدة مع زوجي بعد أن تعودت على طبيعته، وتقبلته كما هو.. ويكفيني أنه طيب معي بالأفعال والمواقف وكريم جداً .
فترة الخطوبة إما لكِ أو عليكِ
فترة الخطوبة والتي تسبق الزواج تكون للتعارف عن قرب.. والاكتشاف الآخر.. عاداته.. تقاليده.. سلوكياته.. وبعدها يقرر الطرفان الاستمرار أم لا ....!! ومع أن هذه الفترة من أخصب الفترات التي تسبق الزواج، وأكثرها تعلقاً بالذاكرة لما يحدث فيها من مكاشفة ومواجهة ومواقف طريفة.. إلا أنها قد لاتكون كافية لاكتشاف الطرف الآخر.
ولعل العادات والتقاليد أو تدخل الأهل بين الخطيبين وخاصة أهل الفتاة هو الذي يفسد اكتشاف الكثير من الصفات عند الفتاة، والتي تكون صدمة الزوج كبيرة عندما يكتشفها فجأة بعد الزواج.. فالمكياج، والكلام المنمق ، والتكلف في كل شيء، قد يخفى وراءه قبح وعيوب خلقية.. قد تنتهي بالطلاق في أول ليلة زواج بمجرد اكتشاف كل طرف حقيقة الطرف الآخر بدون خداع !!.. وقد تستمر الحياة على مضض..
لا تجيد الطبخ
من الطبيعي أن يحاول كل طرف إظهار أحسن ما لديه في فترة الخطوبة، والمبالغة في ذلك، ليس للخداع، ولكن لإثارة الإعجاب والحصول على الرضا ونظراً لمحدودية فرص التعارف وقصر الفترة يصعب على الشاب أو الفتاة رؤية الوجه الآخر للثاني، وهذا ما أشار إليه أبو راشد، والذي يقول: (أثناء فترة الخطوبة اعتقدت أن خطيبتي تجيد الطبخ، وأخذت هذا الانطباع من عدة أطباق حلويات تناولتها في بيتهم وقيل لي أنها هي التي صنعتها.. بصراحة،؟ سررت كثيراً فقد كنت أخشى أن أتزوج فتاة ممن لم يتعلمن الطبخ ويكرهن الوقوف في المطبخ، ولكن هذا ما حدث بعد الزواج، قالت لي أنها صنعت الحلوى بمساعدة أمها، وأنها لم تخبرني آنذاك لأنها لم تكن ملزمة، وكأن الأمر مجرد تسلية! ولكنها في الحقيقة لا تجيد الطبخ، وتعتمد على أمها في ذلك.. خاب ظني، ولكنه ليس بالأمر الخطير، لذا فقد جعلتها تتعلم الطبخ من والدتي) .
مطبخ خارج التغطية
أحد المتزوجين حديثاً قال : أنه تفاجأ بزوجته التي لا تجيد الطبخ إلا في بعض الاجتهاد ات النادرة كتحضير طبق من «بيض « أو قدح من الشاي، أو وجبة سريعة من «الأندومي» أما باقي الوجبات والعصائر والمقبلات فهي بريئة منها كبراءة الذئب من دم يوسف..!!
ويضيف أنه عرف أن زوجته لا علاقة لها بالمطبخ عندما لم تفرق يوماً بين «البقدونس» و «الكزبرة»..!
ويستطرد بالقول أنه وبالرغم من ازدحام مكتبته بأنواع الكتب المعنية بتعلم فنون الطبخ، إلا أن «المحسوبة عليه كزوجة» لم تعرها أي اهتمام يذكر، بل بدأت بإهداء بعض هذه الكتب لبعض صديقاتها، لأنها ليست بحاجة إليها كما تقول، لأنها تحفظ أرقام هواتف المطاعم، أكثر من حفظها لرقم هاتف الدفاع المدني، بل وتحتفظ بقوائم طلبات هذه المطاعم بكل تفاصيلها...،ويضيف بكاهة لاذعة ويبدو أنني فهمت الآن كيف أصبحت صنعاء مدينة مزدحمة تتنافس على شوارعها الضيقة كل من سيارات الأجرة التي تتوالد كل يوم، وسيارات خدمة توصيل طلبات المطاعم التي تعمل في جميع الأوقات!
ويتحسر هذا الزوج على مطبخ منزله الفاخر الذي صمم ديكوراته بعناية فائقة، ولكنه ظل خارج نطاق التغطية منذ بداية زواجه.. ، ومع ذلك فهو لا ينكر أن هذا المطبخ الفاخر قد راق كثيراً لزوجته، وحاز على رضائها، إلا أنها تذكره دائما أن هذا المطبخ تنقصه «شغالة»..
وكاقتراح أخير لهذا الزوج فإنه جعل زوجته تعود مع كتبها الجديدة إلى بيت أمها، وأن يعطيها مهلة كافية لتتعلم كيف تصبح ربة بيت محترمة...
زيادة التعارف لا تضمن النجاح
يتفق علماء النفس على ضرورة وجود فترة تعارف سابقة
للزواجبين الشاب والفتاة، وفي الواقع إن ما يسمى بالخطوبة تمارس في
كل المجتمعات البشرية بكل عاداتها وتقاليدها وأديانها، وإن اختلف شكل الخطوبة ومتطلباتها، إلا أن الهدف الأساسي منها واحد في كل المجتمعات وهو: التمهيد لزواج طرفين وتهيئتهما نفسياً وعاطفياً للمرحلة الجديدة.
يقول (د. ريمون حمدان) أخصائي العلاج النفسي والمشاكل الزوجية والأسرية: الخطوبة.. أو فترة البحث عن شريك للحياة بهدف الزواج، هي سلوك طبيعي لدى البشر. وقد صنفه علماء السلوك الإنساني في خمس مراحل متتابعة تمر بها مشاعر الخطيبين قبل الوصول إلى مرحلة الزواج:
* المرحلة الأولى: وهي مرحلة التعارف المبدئي، يعمل فيها (الغريبان) على توصيل ما يكفي من المعلومات عن نفسيهما لشد الانتباه والتشجيع على متابعة التعارف.
* المرحلة الثانية: تتكون بينهما رابطة مبنية على فكرة كل منهما عن الآخر ومشاعره نحوه بناء على المعلومات التي وصلت إليه خلال المرحلة الأولى، ويرى كل طرف الطرف الثاني على أنه فرد متميز بصفات معينة تميزه عن الأغلبية.
* المرحلة الثالثة: في حال كون المعلومات المتحصلة في المرحلتين الأوليين مشجعة ومريحة للنفس، يحدث بين الطرفين ميل شخصي ومزيد من التقارب النفسي ينقلهما إلى المرحلة الرابعة.
* المرحلة الرابعة: يزداد التقارب بينهما، وتقوى ثقتهما ببعضهما، ويشعر كل منهما بالأمان أكثر فيكشف المزيد عن نفسه وخصوصياته.
* المرحلة الخامسة: يكون الخطيبان قد وصلا إلى حالة من التقارب والارتباط العاطفي والنفسي مبنية على إحساس بالمعرفة الكافية والقبول بالطرف الثاني، وبالتالي يؤخذ قرار (الزواج) بكثير من الارتياح والثقة بالمستقبل.
ويضيف (د. حمدان)، ولكن لا احد يستطيع أن يحدد مدى حدود المعرفة الكافية في فترة ما قبل الزواج، ولا ما إذا كان افتراض كلما زادت المعرفة زادت فرص نجاح الزواج وضمان النتائج افتراضاً صحيحاً. فقد بينت الدراسات التي أجريت فيما مضى في الغرب، حيث يستطيع الشباب والفتيات التعارف دون أي قيود أسرية ولا اجتماعية، إن طول وعمق فترة التعارف بين الطرفين لم يشكلا ضماناً لحدوث الارتباط بالزواج، ولاضماناً لنجاح الزواج واستمراره لو حدث الارتباط فمثلاً إحدى الدراسات التي أجريت على عدد كبير من الأفراد الذين تربطهم علاقات عاطفية حميمة جداً، ويعيشون مع بعضهم البعض كفترة تجريبية قبل الارتباط بالزواج، في الولايات المتحدة، وبعد متابعة علاقة هذه المجموعة على فترات متتالية بينت الدراسة أن « 60 % « من المجموعة لم يتزوجوا.. وانفصلوا بحثاً عن أزواج خارج العلاقة.
كذلك تبين أن الذين تزوجوا بعد تجربة (التعايش) لم يكونوا أسعد ولا أكثرإخلاصاً من الذين تزوجوا بعد فترة تعارف قصيرة ولم يسكنوا مع بعضهمالبعض، فكانوا يواجهون نفس حجم المشاكل والخلافات التي يواجهها غيرهم ممن تزوجوا دون معرفة طويلة قبل الزواج. ويستطرد د. حمدان: إلا أن هذا لا ينفي أنه لابد من وجود مشاعر الألفة والميل الناتجين عن التوافق الفكري والنفسي لأي اثنين يريدان الزواج، وهذا لايمكن تحقيقه إلا بوجود فترة تعارف تسبق القرار الكبير.. « الزواج »، أما كيف يتم هذا التعارف والتفاهم، فهو أمر يعتمد على عناصر وعوامل عديدة يختص فيها كل مجتمع وأسرة .
مفاجآت سارة
ولكن هناك من أسعدهم الحظ وتمكنوا في فترة الخطوبة وعقد القران من رؤية الأمور بوضوح، وبالتالي دخول الحياة الزوجية على (نور) فكانت المفاجأة بعد ذلك سعيدة ومرضية وهذا ما حدث مع الأخت (ل. التركي) التي قالت: كانت فترة الخطوبة تقليدية، يعني كان الأهل يجلسون معنا، لذلك لم تتح لنا فرصة التعرف على بعضنا بشكل جيد، فعقدنا القران، وحصلنا على حرية أكبر، وبقينا هكذا لمدة 7 أشهر. بعدها تزوجنا، ونحن الآن سعداء. والمسألة هنا ليست مسألة حظ، فأحياناً لا يحدث الاتفاق والتفاهم بعد عقد القران، وينفصل الاثنان، وتخرج الفتاة من العلاقة بلقب مطلقة.
الملابس تخدع
أما (د.س) فقد وصفت لنا انخداع شقيقها بزوجته بطريقة ساخرة قائلة: اكتشف أخي المتزوج حديثاً أن الملابس والمكياج يخدعان، ففي فترة الخطوبة بدت له خطيبته مختلفة عنها بعد الزواج.
وتضيف: لا أريد الدخول في التفاصيل التي ذكرها لنا أخي، ولكن الملابس والماكياج تغطي الكثير، بل تغير شكل الجسم، وتتابع: ولكن أخي إنسان قنوع إذ تقبل الأمر ولم يجرحها بقول أو فعل، فهو على حد قوله لم يكتشف عيوباً خلقية، سوى أن عينيها الحقيقيتين أصغر من عينيها بالمكياج.. وهذا الشيء كما يقول عادي ويجب تقبله.
لم أمر بفترة خطوبة
(ن. م) تزوجت بعد معرفة تمت أثناء عقد القران تقول: أهلي متمسكون بالعادات والتقاليد ورفضوا فكرة الخطوبة من دون ارتباط شرعي، لذلك عقدنا القران، وتعرفت على زوجي بعد ذلك. ولكن مهما تعرفنا على بعضنا البعض، فهناك أشياء كثيرة لايمكن اكتشافها إلا بعد الزواج. والحمد لله حياتي سعيدة لأنني أعرف كيف أسيطر على الأمور في حال حدوث مشاكل. ولكنني أؤيد تمديد فترة الخطوبة قبل عقد القران، لأن كثيراً من الفتيات لا يوفقن بعد عقد القران، وينفصلن بصورة مأساوية .
المسألة نسبية
بالنسبة إلى (مبارك عبدالله)، فالأمر سيان، فهو يعتقد أن طول فترة الخطوبة أو قصرها، ووجود الأهل أو عدمه لن يغير من الأمور شيئاً، ويتابع: المسألة نسبية، وكل شخص يختلف عن الآخر، فأنا مثلاً بعد عودتي من الخارج التقيت فتاة كانت من اختيار الأهل، وخطبتها لفترة وكنا نلتقي بوجود الأهل، ومن خلال الحديث معها أحسست أنها توافق طباعي وميولي، لذلك قررت عقد القران حتى نكون أقرب، ونتعرف إلى بعضنا البعض أكثر.. وبصورة عامة، ليس هناك ضمان لعدم وجود مفاجآت بعد الزواج، فالمشاكل قد تحدث بعد الزواج حتى لو مر الزوجان بفترة خطوبة كافية وأعتقد أنهما مقتنعان ببعضهما البعض.. أما بالنسبة إلى الخوف من حمل الفتاة لقب مطلقة في حال الانفصال بعد عقد القران، فهذا قلق مبالغ فيه، ولم يعد هذا اللقب يعني شيئاً، فالشباب تطوروا وتغيرت نظرتهم للأمور، ومنها مسألة طلاق الفتاة وارتباطها مرة أخرى.
رأي علم النفس والاجتماع والتربوي
النضوج والوعي
نسبة الطلاق في بداية الزواج في مجتمعنا إلى عدم توفر فرص المعرفة الكافية قبل الزواج، وقبل الارتباط بعقد القران الذي يوجد شعوراً بالالتزام ويفقد الزوجين الكثير من الحرية .
يقول (د. عبد الرحمن سهيل) أستاذ جامعي، قسم التربية: لننظر إلى المجتمعات الغربية، حيث حرية التعارف بين الجنسين حرية كاملة، ورغم ذلك فإن نسبة الطلاق عندهم عالية جداً. إذن المسألة ليست مسألة إعطاء مزيد من الحرية لتعارف الخطيبين، ولكن المسألة مسألة ألا يستعجل احد الطرفين في الزواج قبل الوصول إلى درجة من الوعي والنضوج لتحمل مسؤولية تكوين أسرة مستقرة وتوفير مناخ عملي للاستمرارية.
إذا توفرت هذه العوامل سهلت الأمور الأخرى ووضحت. فالشاب مثلاً، لا يجب أن يعتمد اعتماداً كلياً على اختيار أهله للبنت من دون أن يراها ويتعرف على طباعها وشخصيتها ومعرفة مدى التقارب الفكري والثقافي بينهما. كل هذا يمكن تحقيقه أثناء فترة الخطوبة بشكلها السائد في مجتمعنا الذي يتيح للفتاة والشاب التعرف على طبائع بعضهما البعض تحت نظام متكامل وضوابط شرعية لا تعيق عملية التعارف التي تتم بوجود محرم. أما بالنسبة إلى التقاء الشاب والفتاة منفردين فهذا أمر مرفوض من ناحية شرعية.
الشفافية مطلوبة
عارف العتيبي أخصائي اجتماعي.. قال : إن اكتشافات ما بعد الزواج شيء بديهي وطبيعي ما لم تكن هناك أمور عميقة وجوهرية.. وكل ما يمكن أن تسببه هو بعض الإزعاج والمشاحنات البسيطة التي تعتبر ملح الحياة الزوجية.. وعلى كل شخص أن يتقبل حقيقة اختلاف الآخر عنه.. فليس هناك تطابق مائة في المائة بين الزوجين، وهذه القناعة التي تأخذ بيد الحياة الزوجية لبر الأمان.. واعتماد الشفافية الكاملة في فترة الخطوبة وعدم تزييف الحقيقة، ومعرفة العيوب وتفهمها تساعد على حياة سعيدة مستقرة بلا مفاجآت..
الاختلاف يخلق الإحباط
أما الدكتور علي الجرجاني اختصاصي نفسي يقول: إن اكتشاف اختلافات بين الأزواج بعد الزواج يخلق نوعاً من الإحباط.. إذ تكون هناك هوة بين الواقع وما هو متوقع.. وإذا لم يتم التغلب على هذه الحالة فإنها تتطور إلى يأس وكآبة وفقدان للتوازن.. فتنشأ بيئة خصبة للكثير من المشكلات والمشاحنات التي يمكن أن تحطم الحياة الزوجية، وأن المخرج هو الاختيار السليم وتوافر درجة من الوعي والنضج بين الطرفين لتحمل مسؤولية الزواج.
و إذا كان الاختيار سليماً مبنيا على الحرص الشديد، وعلى السؤال عن الطرف الآخر والتأكد من صلاحيته ومناسبته للزواج فهو يقضي على المشكلة من أساسها، وقليل من المفاجآت لا يهدم العلاقة الزوجية لأنه لا يوجد إنسان في الدنيا دون عيوب لذا لابد أن نفكر بعقلانية وأن الشريك ليس ملاكاً وعلينا أن نتحمل عيوبه المقبولة، لأننا نحن أيضاً لدينا عيوب نتوقع أن يتحملها هو أيضاً..